العمالقة:من يتحكم في صناعة التكنولوجيا في العالم؟
هل فكرت يوماً من يتحكم في صناعة القرار بمجال التكنولوجيا ومن يؤثر حتى في حياتك انت وقراراتك وطرق عيشك وسلوكك؟
ان كنت تفتكر انك حر في كل سلوكك بما يخص قطاع التكنولوجيا فأنت مخطئ .هناك قوة ضخمة تلعب دوراً قوياً في اغلب سلوكك وتصرفك وحتي طريقة فكرك في كثير من المجالات .أهمها قطاع التكنولوجيا .هل سألت نفسك يوماً ؟مثلاً هل انت تبحث عن المحتوى الذي تريد مشاهدته أم أنك تتخذ القرار الأول فقط فيما تريد ان تشاهده ثم رويداً رويداً تجد نفسك تساق الي محتوي لم يكن في فكرك اصلاً في بادئ الأمر.
ومن أمثلة ذلك اليوتيوب والقنوات الفضائية وقطاع الإعلانات وحتي الأخبار. من خلال هذه المنصة تلعب قوقل دوراً بارزاً في طرق سردها وظهورها إليك وكل هذا من خلال عمل خوارزمياتها المعقدة . تُرى ألم تفكريوماً لماذا كلما دخلت الى اليوتيوب تجد محتوى يشد فضولك ويجعلك ترجع خطوة إلى الوراء وتفكر كيف لم يخطر ببالك يوماً أن هذا النوع من المحتوى يعجبك ويشد من غريزة الفضول لديك ويحملك حملاً للنقر عليه.ولو ظللت تشاهدة ألف عام يحدث لك ما حدث في المرة الأولى كلما اعدت الكرة .فلتعلم اذاً ان قوقل تعلم عنك كل شئ .
حتي تصلك الفكرة اكثر وضوحاً ان خوارزميات قوقل تعلم عنك مالا تعلمه أنت عن نفسك .ولو أقيمت مسابقة بين زوجتك وبين خوارزميات قوقل عن ما تحب ومن لاتحب وكيف تفكر وما هو دور السياسة والرياضة والثقافة في حياتك،ستكون أجوبة قوقل أكثر صحةً ودقةً من أجوبة زوجتك.وهذه إحدى عمالقة مقالنا وحديثنا اليوم .ولو تعمقنا أكثر في هذا الجانب فقط فإن خمسة مقالات لا تكفي لتغطية ولنكون أكثر واقعية سنستكشف في عجالة هذه الشركات التي تستحق حقاً لقب عملاقة من خلال دورها القوي والفعال الذي تلعبه في كثير من الاشياء في العالم ولن نبالغ إن قلنا لها دور حتى في صناعة القرار في كثير من دول العالم .
شهدت صناعة التكنولوجيا تطوراً سريعاً في القرون الاخيرة الفائته، مما أدى إلى تغيير الطريقة التي نعيش بها ونعمل بها. وفي خضم هذه الثورة، ظهر عدد قليل من اللاعبين المهيمنين، الذين يشار إليهم عادة باسم عمالقة التكنولوجيا. وتتمتع هذه الشركات بقوة ونفوذ هائلين، حيث تشكل الصناعة وتؤثر على الاقتصاد العالمي.
من هم عمالقة قطاع التكنولوجيا؟
يفتخر قطاع التكنولوجيا بمجموعة نخبة من الشركات التي صعدت إلى الصدارة. ومن بين هذه الشركات العملاقة عمالقة الصناعة مثل آبل، و أمازون، وجوجل، ومايكروسوفت، وفيسبوك. ولم تقم هذه الشركات بإعادة تشكيل مجالات عملها فحسب، بل قامت أيضاً بتوسيع نفوذها عبر قطاعات متنوعة، بدءاً من التجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية إلى الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي.
سيطرة عمالقة التكنولوجيا على صناعة التكنولوجيا
ويمارس عمالقة التكنولوجيا سيطرة كبيرة على الصناعة من خلال هيمنتهم على السوق، وقواعد المستخدمين الواسعة، وحافظات المنتجات الواسعة. إنهم يمتلكون الموارد والخبرة اللازمة لدفع الابتكار، واكتساب الشركات الناشئة الواعدة، ووضع معايير الصناعة. وتمتد سيطرتهم إلى مجالات مثل خصوصية البيانات، والملكية الفكرية، والامتثال التنظيمي، وتشكيل قواعد المشاركة لكل من المنافسين والمستهلكين على حدٍ سواء.
قد حاولت الكثير من الشركات الناشئة في السنين السابقة منافسة هؤلاء العمالقة واقتسام جزءاً من حصتهم السوقية ولكن ! دون جدوي وقد كانت آخرهم هواوي الصينية التي هدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ،بأخر العقوبات التي فرضتها عليها منذ عام 2016 وحتى يومنا هذا رغم تشبث هذه الشركة العملاقة التي حصلت علي أعلي مبيعات في العالم لمنتجاتها عام 2020 مزيحةً سامسونج الكورية عن عرشها في ذاك العام.
تأثير عمالقة التكنولوجيا على العالم
يمتد تأثير عمالقة التكنولوجيا إلى ما هو أبعد من الصناعة نفسها. ومن خلال منصاتهم وخدماتهم، قاموا بتغيير طريقة تواصلنا والوصول إلى المعلومات وإدارة الأعمال. إن خوارزميات وأنظمة التوصيات الخاصة بهم لها تأثير عميق على سلوك المستخدم، مما يؤثر على ما نراه ونشتريه ونؤمن به. علاوة على ذلك، تسمح لهم قوتهم الاقتصادية وامتدادهم العالمي بتشكيل السياسات، والتأثير على أسواق العمل، والمساهمة في التغيير المجتمعي.ودورهم الفاعل في صناعة القرار.
مستقبل عمالقة التكنولوجيا
يعد المسار المستقبلي لعمالقة التكنولوجيا موضوعاً ذا أهمية كبيرة. ومع استمرار التقدم التكنولوجي، تواجه هذه الشركات تحديات وفرصاً جديدة. إنهم يستثمرون بكثافة في التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والواقع الافتراضي للحفاظ على قدرتهم التنافسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التوسع في الأسواق والقطاعات غير المستغلة، مثل الرعاية الصحية والنقل والطاقة المتجددة، يوفر سبلاً لمزيد من النمو والتنامي بطريقة أكثر فاعلية وأكثر دقة مما يساهم في إحكام قبضتهم علي هذه الاسواق والقطاعات بطريقة أعلي إحترافية.
الدراسات التي تجريها الجهات المعتمدة حول عمالقة التكنولوجيا
لقد سلطت العديد من الدراسات التي أجرتها السلطات المعتمدة الضوء على قوة وتأثير عمالقة التكنولوجيا. تحلل هذه الدراسات حصتها في السوق وإيراداتها ومشاركة المستخدمين وتأثيرها على جوانب المجتمع المختلفة. كما يقومون بدراسة موضوعات مثل مخاوف مكافحة الاحتكار، وخصوصية البيانات، والآثار الأخلاقية لممارساتهم التجارية، مما يوفر رؤى قيمة حول ديناميكيات صناعة التكنولوجيا واللاعبين الرئيسيين فيها.
دور عمالقة التكنولوجيا في سلوكنا مع التكنولوجيا
تلعب عمالقة التكنولوجيا دوراً رئيسياً في تشكيل سلوكنا مع التكنولوجيا، وذلك من خلال:
- تصميم المنتجات والخدمات التي تجذبنا وتشجعنا على استخدامها بشكل متكرر: تستخدم عمالقة التكنولوجيا تقنيات مثل التسويق السلوكي والتصميم الموجه للسلوك لجعل منتجاتها وخدماتها أكثر جاذبية لنا.
- جمع البيانات الشخصية عنا: تستخدم عمالقة التكنولوجيا البيانات الشخصية التي تجمعها منا لفهم سلوكنا وتوجيه عروضها الترويجية لنا.
- التأثير على الطريقة التي نفكر بها و نتفاعل بها مع العالم: تساهم منتجات عمالقة التكنولوجيا في تشكيل الطريقة التي نفكر بها و نتفاعل بها مع العالم من حولنا.
فيما يلي بعض الأمثلة المحددة لدور عمالقة التكنولوجيا في سلوكنا مع التكنولوجيا:
- تلعب شركة Google دوراً رئيساً في الطريقة التي نبحث بها عن المعلومات. يستخدم معظم الناس محركات البحث مثل Google للعثور على المعلومات التي يحتاجون إليها، مما يمنح Google سلطة كبيرة في تحديد المعلومات التي نراها.
- تلعب شركة Microsoft دوراً رئيسياً في الطريقة التي نستخدم بها أجهزة الكمبيوتر. تعد منتجات Microsoft مثل Windows و Office من أكثر البرامج شيوعاً على أجهزة الكمبيوتر، مما يمنح Microsoft سيطرة كبيرة على تجربة استخدام الكمبيوتر.
- تلعب شركة Apple دوراً رئيساً في الطريقة التي نستخدم بها الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. تعد منتجات Apple مثل iPhone وiPad من أكثر الأجهزة المحمولة شيوعاً، مما يمنح Apple سيطرة كبيرة على تجربة استخدام الأجهزة المحمولة الخاصة بنا .
- تلعب شركة Amazon دوراً رئيساً في الطريقة التي نقوم بها بالتسوق عبر الإنترنت. تعد Amazon أكبر شركة تسوق عبر الإنترنت في العالم، مما يمنح Amazon سيطرة كبيرة على سوق التسوق عبر الإنترنت.مما يتيح لها إنتاج وإبتكارسلعاً أكثر ربحية لها بناءً علي سلوكنا التسويقية التي تقوم بجمعها على الدوام.
- تلعب شركة Meta دوراً رئيسياً في الطريقة التي نتفاعل بها مع وسائل التواصل الاجتماعي. تعد منتجات Meta مثل Facebook وInstagram من أكثر منصات التواصل الاجتماعي شيوعاً، مما يمنح Meta سيطرة كبيرة على تجربة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.وجمع معلومات اكبر عن حياتنا وسلوكنا .والمؤسف استخدام تلك البيانات لأغراضٍ تجارية دون موافقتنا .
ويظهر ذلك جلياً من خلال تكرار الجدل عن إدارة فيس بوك ،واحتمالية بيعها لبياناتنا للشركاء التجاريين. وقد كان آخر جدلاً في 23 مارس 2018، حيث وجهت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC) استدعاءً إلى مارك زوكربيرغ، مؤسس ورئيس شركة فيسبوك، للادلاء بشهادته حول موضوع خصوصية المستخدم وبياناته. جاء هذا الاستدعاء بعد فضيحة "كامبريدج أناليتيكا" التي كشفت عن قيام الشركة البريطانية بجمع بيانات 87 مليون مستخدم لفيسبوك دون موافقتهم.
طلبت FTC من زوكربيرغ الإدلاء بشهادته في جلسة استماع عامة حول كيفية تعامل فيسبوك مع بيانات المستخدمين، وكيفية ضمان خصوصية المستخدمين في المستقبل.
مثل زوكربيرغ أمام لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية في 10 أبريل 2018، لمدة أربع ساعات. وخلال الجلسة، اعترف زوكربيرغ بالخطأ الذي ارتكبته فيسبوك في قضية "كامبريدج أناليتيكا"، وتعهد باتخاذ إجراءات لتحسين خصوصية المستخدمين.
في 25 يوليو 2019، أعلنت FTC أنها توصلت إلى تسوية مع فيسبوك بقيمة 5 مليارات دولار. واشترطت التسوية على أن تقوم فيسبوك بإجراء إصلاحات على سياساتها المتعلقة بخصوصية المستخدمين، بما في ذلك:
- إنشاء لجنة مستقلة للإشراف على حماية خصوصية المستخدمين.
- الكشف عن المزيد من المعلومات حول كيفية استخدام بيانات المستخدمين.
- تقديم المزيد من الخيارات للمستخدمين التحكم في بياناتهم.
هل من الممكن أن تظهر وجوه أخرى قريباً؟
وبينما يهيمن عمالقة التكنولوجيا الحاليون على الصناعة، لا يمكن استبعاد إمكانية ظهور منافسين جدد. ومن الممكن أن تتحدى الشركات الناشئة والابتكارات الثورية النظام القائم، من خلال تقديم حلول ووجهات نظر جديدة. بالإضافة إلى ذلك، قد تخلق التدابير التنظيمية وتحولات السوق فرصاً لظهور لاعبين جدد وإعادة تعريف المشهد التكنولوجي. يمكن أن يشهد المستقبل ظهور وجوه جديدة تستفيد من التقنيات الناشئة ومتطلبات المستهلكين المتغيرة.
خاتمة:
لا شك أن عمالقة التكنولوجيا قد أثبتوا هيمنتهم على هذه الصناعة، حيث فرضوا سيطرتهم، وشكلوا العالم، وأثروا على حياتنا بطرق عميقة. ومع ذلك، فإن الطبيعة الديناميكية للتكنولوجيا وإمكانية الابتكارات الثورية تترك المجال لظهور لاعبين جدد. ومع تطور الصناعة، من الضروري مراقبة تصرفات الشركات العملاقة وتأثيرها مع تعزيز بيئة تشجع المنافسة والابتكار والاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا لصالح المجتمع ككل.ويكفي ان تعلم من خلال دراسة اجرتها شركة قوقل منتصف عام2023 الحالي عن المستخدمين والتي وجدت ان 85% من الأشخاص يعتمدون علي محركات البحث للحصول علي المعلومات.لذا عزيزي القارئ كن اكثر حكمة ووعي في طريقة تعاملك مع التكنولوجيا.
...........................................................................................